السلام هو تحية المسلمين, قال تعالى عن أهل الجنة: (تحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ) [الأحزاب: ٤٤]، وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام ( وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) [هود: ٦٩].
وهو من حق المسلم على المسلم كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام, وعيادة المريض, واتباع الجنائز, وإجابة الدعوة, وتشميت العاطس » (1) ، وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته, وإذا مرض فعده, وإذا مات فاتبعه » (2)
كما أن السلام أول أسباب التآلف , ومفتاح استجلاب المودة. وفي إفشائه تحقيق للألفة بين المسلمين, وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل, مع ما فيه من رياضة النفس, ولزوم التواضع, وتعظيم حرمات المسلمين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (3) مسلم
ومن آداب السلام وأحكامه :
1_ السلام أن يقول المسلِّم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وهذا السلام الكامل, وأقلّه: السلام عليكم.
وفي السلام أجر عظيم وخير كثير, فإذا أُلقي كاملًا كان لملقيه ثلاثون حسنة, وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله؛ كان له عشرون حسنة, وإذا ألقي بالأقل كان له عشر حسنات, روى أبو داود والترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم, فَرَدَّ عليه، ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عشر» ثم جاء رجل آخر, فقال: السلام عليكم ورحمة الله, فرد عليه, ثم جلس, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عشرون» ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، وجلس، فقال: «ثلاثون» (4)
المقصود: ثلاثون حسنة.
2_ السلام له إضافة لما سبق من الأجر فضائل وثمرات, فقد روى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: « تطعم الطعام, وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف » (5)
ويدل هذا الحديث أيضاً على أن السنة إفشاء السلام وإشاعته على من عرفت ومن لم تعرف .
كما أن السلام من أسباب المودة والألفة والمحبة بين المسلمين, وهي من أسباب دخول الجنة, روى الإمام مسلم رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابوا, أَوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم » (6)
والسلام اسم من أسماء الله تعالى، فكأنّ المسلّم عندما يسلم يقول: أنتم في حفظ الله تعالى، وقيل: إن السلام دعاء بالسلامة.
3_ ذهب جمهور العلماء إلى أن الابتداء بالسلام سنة مؤكدة, وهذا هو المشهور حتى لا يكاد يعرف الكثير من الناس غيره ، ونقل ابن مفلح عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن ابتداء السلام واجب في أحد القولين في مذهب أحمد ، وهو ظاهر ما نقل عن الظاهرية (7) عندالمالكية ( في غير المشهور ) أن الابتداء بالسلام من الواحد فرض (8)
وقال ابن العربي: السلام فرض مع المعرفة ، سنة مع الجهالة (9)
وعلى قول الجمهور هو سنة على الكفاية فإن كانوا جماعة فسلم واحد منهم كفى عن جميعهم ولو سلم كلهم كان أفضل وأكمل، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدكم ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدكم » أخرجه أبو داود (10)
أما ردّه فقد أجمع العلماء على وجوبه ويدل عليه قوله تعالى : { وإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } والأمر للوجوب فهو واجب عينًا على المسلَّم عليه إذا كان واحدًا, وواجب على الكفاية إذا كانوا مجموعة, وإن ردوا جميعًا فهو أفضل.
4_ صفة رد السلام أن يكون مثل السلام أو أفضل منه, فإذا سلَّم المسلِّم بالأقل, فالراد يرد بمثله أو يزيد: ورحمة الله, أو ورحمة الله وبركاته, وإذا سلَّم بالسلام الكامل فيرد كاملًا، ولا يرد بأنقص منه, قال سبحانه وتعالى:( وإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً ) [النساء: ٨٦].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (أي: إذا سلّم عليكم المسلِّم فردوا عليه أفضل مما سلَّم، أو ردوا عليه بمثل ما سلّم، فالزيادة مندوبة, والمماثلة مفروضة) اهـ كلامه رحمه الله.
ويكون الرد بضمير الجمع وإن كان المسلِّم واحداً.
ولا يزاد بعد البركة شيء عند الرد على السلام، ولو كان المبتدئ انتهى إلى البركة ، قال ابن عباس وابن عمر انتهى السلام إلى البركة كما ذكر الله عز وجل عن صالح عباده: (َرحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) [هود: 73] وكانا يكرهان أن يزيد أحد في السلام على قوله: وبركاته (1) .
5_ كراهية الابتداء بـ (عليك السلام (فعن جابر بن سليم الهجيمي رضي الله عنه أنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام. فقال: "لا تقل: عليك السلام، ولكن قل: السلام عليك". رواه الترمذي وعند أبي داود: "فإن عليكم السلام تحية الموتى" (2)
6_ من أحكام السلام: أنه يتلفظ به، بأن ينطق المسلّم بلفظ: (السلام عليكم) بما يُسمع المسلَّم عليه، والرد يكون كذلك، أما الإشارة باليد ونحوها فلا تعتبر سلامًا.
فإذا كان المقام يقتضي الإشارة كمن يكون راكبًا في السيارة ـ مثلاً ـ ويريد أن يسلم على من هو واقف؛ فلابد من النطق مع الإشارة.
7_ يستحب تكرار السلام ثلاثاً إذا كان الجمع كثيراً ، أو شك في سماع المُسلم عليه، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا ) (3) وهذا محمول على ما إذا كان الجمع كثيراً، وكذا لو سلم وظن أنه لم يسمع فيسن الإعادة مرة ثانية وثالثة ولا يزيد على الثالثة (4) .
8_ إذا دخل المسلم مكاناً فيه أيقاظاً ونياماً فإنه يخفض صوته بالسلام فيسمع اليقظان ولا يوقظ النائم ، كما جاء في حديث المقداد بن الأسود قال: ( أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس أحد منهم يقبلنا فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا إلى أهله فإذا ثلاثة أعنز فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احتلبوا هذا اللبن بيننا قال فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان قال ثم يأتي المسجد فيصلي ..الحديث ) (5) .
9_ من أحكام السلام: أن يسلم الصغير على الكبير, والماشي على الجالس, والراكب على الماشي, والقليل على الكثير, روى البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يسلِّم الصغير على الكبير, والمار على القاعد، والقليل على الكثير» (6) .
10_ من السنّة إعادة السلام إذا افترق اثنان ثم تقابلا بدخول أو خروج, أو حال بينهما حائل، ثم تقابلا, ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر, ثم لقيه فليسلم عليه» (7) ، رواه أبو داود، قال ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية: (إسناده جيد).
ومما ينبغي أن يحرص عليه المسلمون: إشاعة السلام وإظهاره وإعلانه بينهم, حتى يكون شعارًا ظاهرًا لهم لا تُخص به فئة دون أخرى, أو إنسان دون آخر, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « أفشوا السلام بينكم » (8) .
11 _ يستحب أن يسلم على نفسه إذا دخل بيته وكان خاليا قائلا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. قال تعالى: ( فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ) [ النور: 61 ].
12_ يكره السلام على المتخلي ببول أو غائط باتفاق أهل العلم ، ويستحب لمن ألقي عليه السلام وهو يقضي حاجته أن يرد السلام بعد الوضوء تأسياً بالنبي صلى اللـه عليه وسلم، فقد روى المهاجر بن قنفذ رضي اللـه عنه أنه أتى النبي صلى اللـه عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال: « إني كرهت أن أذكر اللـه عز وجل إلا على طهر » أو قال: « على طهارة » (9) رواه أبو داود .
13_ يجوز للمصلي الرد بالإشارة في الصلاة ، ويكون الرد بالإشارة بباطن الكف إلى الأسفل، وقد جاء في حديث ابن عمر رضي اللـه عنه أنه قال: « خرج رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم إلى قباء يصلي، قال: فجاءته الأنصار، فسلموا عليه، وهو يصلي، قال: فقلت: لبلال: كيف رأيت رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي ؟ قال يقول هكذا ، وبسط كفه ، وبسط جعفر بن عون كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق... » (1) رواه أبو داود .
ويجوز بدء قارئ القرآن السلام وعليه أن يرد السلام؛ لأنه لم يثبت دليل شرعي على المنع من ذلك ، والأصل عموم الأدلة في مشروعية البدء بالسلام ، والرد على من سلم ، حتى يثبت ما يخصص ذلك من الأدلة .
ولا يجوز لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة إذا كان يسمع الخطبة أن يبدأ بالسلام من في المسجد ، وليس لمن في المسجد أن يرد عليه والإمام يخطب ، ولكن إن رد عليه بالإشارة جاز وإذا سلم عليه أحد أثناء الخطبة ، فعليه أن يرد السلام مصافحة دون الكلام ، ويرد بالكلام بعد انتهاء الخطيب من الخطبة الأولى ، وإن سلم والإمام يخطب الخطبة الثانية فيسلم عليه بعد انتهاء الخطيب من الخطبة الثانية .
14_ من الأخطاء الشائعة: ما انتشر بين بعض المسلمين؛ تقليدًا لغيرهم, من إبدال تحية المسلمين ببعض الألفاظ الأخرى دون التلفظ بالسلام، مثل: صباح الخير، أو مساء الخير, أو مرحبًا وأهلاً وسهلاً، ونحو ذلك من هذه العبارات التي لا ينبغي أن يبدأ بها المسلِّم أو أن يردَّ بها، فتحية المسلمين السلام, ولكن لا مانع من ذكر بعض هذه العبارات المحببة إلى النفوس بعد أن يسلِّم المسلم, أو بعد أن يرد الراد، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مرحبًا بأم هانئ» (2) .
15_ ما ذُكر من أحكام السلام إنما هو بين المسلمين, أما الكافر فلا يُبدأ بالسلام, وإذا سلَّم فيرد عليه بمثل ما روى أنس رضي الله عنه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أهل الكتاب يسلمون علينا فكيف نرد عليهم؟ قال: « قولوا: وعليكم » (3) ، لكن إذا كان المكان فيه مسلمون وكفار، فيسلم عليهم ويقصد المسلمين, فقد روى البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان, فسلّم عليهم (4) .
وأما بالنسبة لأهل المعاصي ، فمن حقهم السلام عليهم ويجب عليهم الرد، إلا إن كان في ترك السلام عليهم مصلحة راجحة، كأن يرتدع العاصي وينتهي عن معصيته .
وكذا أهل البدع إلا إن كانت البدعة مكفرة فلا يسلم عليه.
16_ القيام لأجل السلام:
ذكر أهل العلم فيه ثلاثة أقسام :
أ . القيام إلى الرجل وهذا لا بأس ، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: ( قوموا إلى سيدكم ) (5) .
ب . القيام للرجل وهذا لا بأس به لاسيما إذا اعتاد الناس ذلك ، ويرى القادم أن عدم القيام له امتهان ، وإن كان الأولى تركه كما في السنة، لكن إذا اعتاده فلا حرج.
ج . القيام عليه : كأن يكون جالساً ويقوم واحد على رأسه تعظيماً له ، فهذا مما لا ينبغي فعله.
http://alssunnah.com/main/articles.aspx?selected_article_no=5485&menu_id=2732
وهو من حق المسلم على المسلم كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام, وعيادة المريض, واتباع الجنائز, وإجابة الدعوة, وتشميت العاطس » (1) ، وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته, وإذا مرض فعده, وإذا مات فاتبعه » (2)
كما أن السلام أول أسباب التآلف , ومفتاح استجلاب المودة. وفي إفشائه تحقيق للألفة بين المسلمين, وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل, مع ما فيه من رياضة النفس, ولزوم التواضع, وتعظيم حرمات المسلمين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (3) مسلم
ومن آداب السلام وأحكامه :
1_ السلام أن يقول المسلِّم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وهذا السلام الكامل, وأقلّه: السلام عليكم.
وفي السلام أجر عظيم وخير كثير, فإذا أُلقي كاملًا كان لملقيه ثلاثون حسنة, وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله؛ كان له عشرون حسنة, وإذا ألقي بالأقل كان له عشر حسنات, روى أبو داود والترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم, فَرَدَّ عليه، ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عشر» ثم جاء رجل آخر, فقال: السلام عليكم ورحمة الله, فرد عليه, ثم جلس, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عشرون» ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، وجلس، فقال: «ثلاثون» (4)
المقصود: ثلاثون حسنة.
2_ السلام له إضافة لما سبق من الأجر فضائل وثمرات, فقد روى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: « تطعم الطعام, وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف » (5)
ويدل هذا الحديث أيضاً على أن السنة إفشاء السلام وإشاعته على من عرفت ومن لم تعرف .
كما أن السلام من أسباب المودة والألفة والمحبة بين المسلمين, وهي من أسباب دخول الجنة, روى الإمام مسلم رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابوا, أَوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم » (6)
والسلام اسم من أسماء الله تعالى، فكأنّ المسلّم عندما يسلم يقول: أنتم في حفظ الله تعالى، وقيل: إن السلام دعاء بالسلامة.
3_ ذهب جمهور العلماء إلى أن الابتداء بالسلام سنة مؤكدة, وهذا هو المشهور حتى لا يكاد يعرف الكثير من الناس غيره ، ونقل ابن مفلح عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن ابتداء السلام واجب في أحد القولين في مذهب أحمد ، وهو ظاهر ما نقل عن الظاهرية (7) عندالمالكية ( في غير المشهور ) أن الابتداء بالسلام من الواحد فرض (8)
وقال ابن العربي: السلام فرض مع المعرفة ، سنة مع الجهالة (9)
وعلى قول الجمهور هو سنة على الكفاية فإن كانوا جماعة فسلم واحد منهم كفى عن جميعهم ولو سلم كلهم كان أفضل وأكمل، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدكم ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدكم » أخرجه أبو داود (10)
أما ردّه فقد أجمع العلماء على وجوبه ويدل عليه قوله تعالى : { وإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } والأمر للوجوب فهو واجب عينًا على المسلَّم عليه إذا كان واحدًا, وواجب على الكفاية إذا كانوا مجموعة, وإن ردوا جميعًا فهو أفضل.
4_ صفة رد السلام أن يكون مثل السلام أو أفضل منه, فإذا سلَّم المسلِّم بالأقل, فالراد يرد بمثله أو يزيد: ورحمة الله, أو ورحمة الله وبركاته, وإذا سلَّم بالسلام الكامل فيرد كاملًا، ولا يرد بأنقص منه, قال سبحانه وتعالى:( وإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً ) [النساء: ٨٦].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (أي: إذا سلّم عليكم المسلِّم فردوا عليه أفضل مما سلَّم، أو ردوا عليه بمثل ما سلّم، فالزيادة مندوبة, والمماثلة مفروضة) اهـ كلامه رحمه الله.
ويكون الرد بضمير الجمع وإن كان المسلِّم واحداً.
ولا يزاد بعد البركة شيء عند الرد على السلام، ولو كان المبتدئ انتهى إلى البركة ، قال ابن عباس وابن عمر انتهى السلام إلى البركة كما ذكر الله عز وجل عن صالح عباده: (َرحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) [هود: 73] وكانا يكرهان أن يزيد أحد في السلام على قوله: وبركاته (1) .
5_ كراهية الابتداء بـ (عليك السلام (فعن جابر بن سليم الهجيمي رضي الله عنه أنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام. فقال: "لا تقل: عليك السلام، ولكن قل: السلام عليك". رواه الترمذي وعند أبي داود: "فإن عليكم السلام تحية الموتى" (2)
6_ من أحكام السلام: أنه يتلفظ به، بأن ينطق المسلّم بلفظ: (السلام عليكم) بما يُسمع المسلَّم عليه، والرد يكون كذلك، أما الإشارة باليد ونحوها فلا تعتبر سلامًا.
فإذا كان المقام يقتضي الإشارة كمن يكون راكبًا في السيارة ـ مثلاً ـ ويريد أن يسلم على من هو واقف؛ فلابد من النطق مع الإشارة.
7_ يستحب تكرار السلام ثلاثاً إذا كان الجمع كثيراً ، أو شك في سماع المُسلم عليه، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا ) (3) وهذا محمول على ما إذا كان الجمع كثيراً، وكذا لو سلم وظن أنه لم يسمع فيسن الإعادة مرة ثانية وثالثة ولا يزيد على الثالثة (4) .
8_ إذا دخل المسلم مكاناً فيه أيقاظاً ونياماً فإنه يخفض صوته بالسلام فيسمع اليقظان ولا يوقظ النائم ، كما جاء في حديث المقداد بن الأسود قال: ( أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس أحد منهم يقبلنا فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا إلى أهله فإذا ثلاثة أعنز فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احتلبوا هذا اللبن بيننا قال فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه قال: فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان قال ثم يأتي المسجد فيصلي ..الحديث ) (5) .
9_ من أحكام السلام: أن يسلم الصغير على الكبير, والماشي على الجالس, والراكب على الماشي, والقليل على الكثير, روى البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يسلِّم الصغير على الكبير, والمار على القاعد، والقليل على الكثير» (6) .
10_ من السنّة إعادة السلام إذا افترق اثنان ثم تقابلا بدخول أو خروج, أو حال بينهما حائل، ثم تقابلا, ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر, ثم لقيه فليسلم عليه» (7) ، رواه أبو داود، قال ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية: (إسناده جيد).
ومما ينبغي أن يحرص عليه المسلمون: إشاعة السلام وإظهاره وإعلانه بينهم, حتى يكون شعارًا ظاهرًا لهم لا تُخص به فئة دون أخرى, أو إنسان دون آخر, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « أفشوا السلام بينكم » (8) .
11 _ يستحب أن يسلم على نفسه إذا دخل بيته وكان خاليا قائلا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. قال تعالى: ( فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ) [ النور: 61 ].
12_ يكره السلام على المتخلي ببول أو غائط باتفاق أهل العلم ، ويستحب لمن ألقي عليه السلام وهو يقضي حاجته أن يرد السلام بعد الوضوء تأسياً بالنبي صلى اللـه عليه وسلم، فقد روى المهاجر بن قنفذ رضي اللـه عنه أنه أتى النبي صلى اللـه عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال: « إني كرهت أن أذكر اللـه عز وجل إلا على طهر » أو قال: « على طهارة » (9) رواه أبو داود .
13_ يجوز للمصلي الرد بالإشارة في الصلاة ، ويكون الرد بالإشارة بباطن الكف إلى الأسفل، وقد جاء في حديث ابن عمر رضي اللـه عنه أنه قال: « خرج رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم إلى قباء يصلي، قال: فجاءته الأنصار، فسلموا عليه، وهو يصلي، قال: فقلت: لبلال: كيف رأيت رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي ؟ قال يقول هكذا ، وبسط كفه ، وبسط جعفر بن عون كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق... » (1) رواه أبو داود .
ويجوز بدء قارئ القرآن السلام وعليه أن يرد السلام؛ لأنه لم يثبت دليل شرعي على المنع من ذلك ، والأصل عموم الأدلة في مشروعية البدء بالسلام ، والرد على من سلم ، حتى يثبت ما يخصص ذلك من الأدلة .
ولا يجوز لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة إذا كان يسمع الخطبة أن يبدأ بالسلام من في المسجد ، وليس لمن في المسجد أن يرد عليه والإمام يخطب ، ولكن إن رد عليه بالإشارة جاز وإذا سلم عليه أحد أثناء الخطبة ، فعليه أن يرد السلام مصافحة دون الكلام ، ويرد بالكلام بعد انتهاء الخطيب من الخطبة الأولى ، وإن سلم والإمام يخطب الخطبة الثانية فيسلم عليه بعد انتهاء الخطيب من الخطبة الثانية .
14_ من الأخطاء الشائعة: ما انتشر بين بعض المسلمين؛ تقليدًا لغيرهم, من إبدال تحية المسلمين ببعض الألفاظ الأخرى دون التلفظ بالسلام، مثل: صباح الخير، أو مساء الخير, أو مرحبًا وأهلاً وسهلاً، ونحو ذلك من هذه العبارات التي لا ينبغي أن يبدأ بها المسلِّم أو أن يردَّ بها، فتحية المسلمين السلام, ولكن لا مانع من ذكر بعض هذه العبارات المحببة إلى النفوس بعد أن يسلِّم المسلم, أو بعد أن يرد الراد، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مرحبًا بأم هانئ» (2) .
15_ ما ذُكر من أحكام السلام إنما هو بين المسلمين, أما الكافر فلا يُبدأ بالسلام, وإذا سلَّم فيرد عليه بمثل ما روى أنس رضي الله عنه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أهل الكتاب يسلمون علينا فكيف نرد عليهم؟ قال: « قولوا: وعليكم » (3) ، لكن إذا كان المكان فيه مسلمون وكفار، فيسلم عليهم ويقصد المسلمين, فقد روى البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان, فسلّم عليهم (4) .
وأما بالنسبة لأهل المعاصي ، فمن حقهم السلام عليهم ويجب عليهم الرد، إلا إن كان في ترك السلام عليهم مصلحة راجحة، كأن يرتدع العاصي وينتهي عن معصيته .
وكذا أهل البدع إلا إن كانت البدعة مكفرة فلا يسلم عليه.
16_ القيام لأجل السلام:
ذكر أهل العلم فيه ثلاثة أقسام :
أ . القيام إلى الرجل وهذا لا بأس ، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: ( قوموا إلى سيدكم ) (5) .
ب . القيام للرجل وهذا لا بأس به لاسيما إذا اعتاد الناس ذلك ، ويرى القادم أن عدم القيام له امتهان ، وإن كان الأولى تركه كما في السنة، لكن إذا اعتاده فلا حرج.
ج . القيام عليه : كأن يكون جالساً ويقوم واحد على رأسه تعظيماً له ، فهذا مما لا ينبغي فعله.
http://alssunnah.com/main/articles.aspx?selected_article_no=5485&menu_id=2732